قرية أبو سنان، هي إحدى القرى القديمة في الجليل شمالي إسرائيل، حيث يعيش فيها مواطنون إسلام ومسيحيون و دروز، وقد كان لأهاليها وللقياديين فيها في فترات مختلفة، شأن كبير وأهمية، وهي ما زالت حتى اليوم إحدى القرى الرائدة في البلاد، حيث تمتاز بالتعايش السلمي والمنتظم بين جميع طوائفها.
فهي قرية مختلطة، تقع في منطقة الساحل، على بعد حوالي عشرة كم، من مدينتي عكا ونهاريا، وترتفع عن سطح البحر حوالي مائة متر. ومع أن التل الذي بنيت عليه غير مرتفع، إلا أن السكان القاطنون فيه يشرفون على مناطق واسعة من سهل عكا والسهل الساحلي أمامهم.
الإعتقاد السائد هو أن أسمها يرجع إلى قلعة صليبية بإسم بسنين، أقامها الصليبيون لتكون تابعة لقلعة مونت فورت الواقعة بالقرب من وادي القرن، ليس بعيداً عنها. وقد أطلق عليها هذا الإسم نسبةً إلى القائد الذي بناها.
وهناك رأي شعبي يقول، إنه عاش في السابق في القرية شيخ أسمه "باز"، وكانت له حروب ومناوشات مع أعدائه، وقد تحصن في تلك القلعة، وكان يملك سيفاً سماه "أبو سنان" لحدته، وأطلق على القلعة والموقع هذا الإسم.
الآثار في قرية أبو سنان هي قرية قديمة جداًّ حيث تشهد الآثار التي عثر عليها فيها، أنها كانت مأهولة قبل آلاف السنين، وخاصةً في عهد الكنعانيين. وظلت فيما بعد تحت حكم الإسرائيليين، وكانت على طريق القوافل بين مملكة اسرائيل والفينيقيين ، وأنه كان فيها أماكن للراحة للمسافرين. وظلت عامرة حتى الحكم الاسلامي ثم البيزنطي والصليبي والعثماني. وفي زمن الدعوة الدرزية ، كانت قرية أبو سنان في قلب منطقة توحيدية هامة في الساحل، حيث أحاطها دعاة التوحيد من كل الجهات وتعاملوا معها وركزوا فيها دعائم التوحيد، وما زالت قبور كبار الدعاة منتشرة حولها. وقد كانت ضمن إمارة الأمير فخر الدين المعني الثاني، الذي بنى فيها قصراً لولده الأمير علي فخر الدين ، عام 1617م.
وقد ذكر المؤرخ أحمد الخالدي الصفدي، أن القصر والقلعة والقرية كانت قاعدة هامة في صراع الأمير فخر الدين المعني مع غريمه أحمد بن طرباي زعيم أل طربيه، على السلطة في شمالي فلسطين. وقد انتصر الأمير فخر الدين وثبت حكمه في البلاد، وبنى قرى درزية، وعزز القرى القائمة ومنها أبو سنان. فقد أدخل الأمير فخر الدين في المناطق التي حكمها البناء والعمران والتطوير والزراعة وبعض الصناعات، وشجع الناس على العمل في الأرض وإستصلاحها والإستفادة منها. وكان الأمير علي (1698-1634) قد تولى من والده سنجق صفد وحكمه وأدار شؤونه من موقعه في قصره في أبو سنان.
وكان لقرية أبو سنان شأن كبير في القرن التاسع عشر، إذ برزت بين قرى المنطقة كمركز له أهميته وقوته. وقد اختير الشيخ صالح يوسف خير قنصلاً لبلاد العجم عام 1864م، واستمر بعد ذلك, وإستمراراً لهذه العلاقات لجأ عام 1914م عباس أفندي البهائي ومعه ثلاثون عائلة إيرانية إلى قرية أبو سنان وعائلة خير، وأقاموا في القرية لمدة سنتين. وقد فتحوا مدرسة في القرية في تلك الفترة، أعطت للقرية أهمية كبيرة.
السكان
سكن القرية طوال هذه الفترة الدروز والمسيحيون بتعاون تام، فقد كان عددهم في أواخر القرن السابع عشر حوالي 300 نسمة، وبلغ في منتصف القرن التاسع عشر حوالي 400 نسمة، منهم 240 درزياً و160 مسيحياً، وبلغ عددهم عند قيام الدولة حوالي ألف نسمة. ووصل عام 1961م إلى 1,600 حيث سكن القرية بعض النازحين من المسلمين من القرى المجاورة. وازدادت في القرية عائلات إسلامية خلال هذه الفترة، كان عدد سكانها في نهاية القرن العشرين من الطوائف الثلاث حوالي ثمانية آلاف نسمة، وفي عام 2011م حوالي 12 ألف نسمة وفي عام 2018 حوالي 14 ألف نسمة.